كتب: إيهاب الزلاقي
كشف تقرير حديث يستطلع أحوال الإنترنت حول العالم عن صعود شركات الشبكات الاجتماعية لتصبح المصدر الأهم لعدم ثقة المستخدم بالإنترنت ولا يتفوق عليها سوى “مجرمى الإنترنت”، مع إشارة أكثر من 75% ممن شملهم الاستطلاع لشركات مثل فيس بوك وتويتر والمنصات الاجتماعية الأخرى كأسباب لعدم الثقة. وبينما أشار 81% ممن شملهم الاستطلاع إلى “مجرمى الإنترنت” باعتبارهم المصدر الأول لعدم الثقة بالشبكة، أشارت الغالبية عبر العالم (نسبة 62% عالميا) إلى أن نقص الأمن على شبكة الإنترنت واحد من أبرز العوامل.
هذه الأرقام وغيرها ظهرت فى أحدث استطلاعات للرأى أجرته CIGI-Ipsos حول أمن الإنترنت ومستوى الثقة بها وأجرته شركة إبسوس لصالح مركز الابتكار للحوكمة الدولية، بالتعاون مع مجتمع الإنترنت ISOC ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”.
ويعتبر هذا التقرير الذى يصدر للعام الخامس، أشمل استطلاع عالمى لقضايا أمن الإنترنت ومستويات الثقة بها، حيث تضمن استطلاع رأى أكثر من 25 ألف من مستخدمى الإنترنت فى أكثر من 12 دولة حول العالم تغطى مناطق أمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقا وآسيا.
وفيما يتعلق بآثار عدم ثقة المستخدم، قال ما يقرب من نصف المستطلعين (49%) والذين لا يثقون فى شبكة الإنترنت أن عدم الثقة دفعهم للكشف عن معلومات شخصية أقل عبر الشبكة، فى حين أفاد 40% عن اهتمام أكبر بتأمين أجهزتهم، وقال 39% إنهم يستخدمون الإنترنت بطريقة انتقائية. وعلى عكس الآراء العامة، أفادت نسبة أصغر بكثير من الأشخاص عن استخدام أدوات أكثر تطورا لحماية أنفسهم، مثل استخدام المزيد من تقنيات التشفير 19%، أو استخدام متصفحات متطورة مثل TOR، أو استخدام الشبكات الخاصة VPN لتبادل البيانات 12%.
وتقول سالى وينتوورث، نائب رئيس تطوير السياسات العالمية لمنظمة مجتمع الإنترنت: “تخبرنا نتائج التقرير أن قلق الناس يتزايد حول العالم فيما يتعلق بشأن خصوصيتهم وأمنهم على شبكة الإنترنت”، ورغم ذلك نرى أن الغالبية لا تستخدم أدوات لتأمين الاتصالات مثل برامج التشفير وهى البرامج شديدة الأهمية فى العديد من المجالات بداية من تأمين الرسائل وحتى حماية البنية التحتية. ومن الواضح أن هناك الكثير من الجهود التى يمكننا القيام بها للتسهيل على مستخدمى الإنترنت تأمين اتصالاتهم”.
وتقول شاميكان سيريمان مديرة قسم التكنولوجيا فى الأونكاتاد إن المعرفة قوة، وإن هذا البحث يمثل أهمية كبيرة وأدلة دامغة للمساعدة فى اتخاذ القرارات، وصياغة السياسات وتوجيه الموارد لتقليل الفجوة الرقمية بطريقة آمنة وقادرة على خلق فرص التنمية، لأنه فى نهاية المطاف يحتاج المجتمع للمزيد من الثقة للتأكد من قدرة الاقتصاد الرقمى على أن يصبح أداة تنمية فاعلة فى الدول النامية”.
ومن أبرز النتائج التى توصل إليها البحث:
- ثمانية من كل عشرة (78%) ممن شملهم الاستطلاع يشعرون بالقلق إزاء خصوصيتهم على شبكة الإنترنت، وأكثر من نصفهم (53%) تزايدت مخاوفهم عما كانت منذ عام، مما يعنى أنه للعام الخامس على التوالى يقول غالبية المستطلعين إنهم أكثرا قلقا بشأن خصوصيتهم على الإنترنت من العام الذى سبقه.
- أقل من نصف من شملهم الاستطلاع (48%) يعتقدون أن حكوماتهم تفعل ما يكفى لحماية بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية عبر الإنترنت، وتبلغ هذه النسبة أدنى مستوى فى منطقة أمريكا الشمالية (38%) ودول مجموعة الثمانية (39%)، الأمر الذى يعنى أن دول إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط هى الأكثر ثقة فيما يتعلق بأداء حكوماتهم فى هذا الموضوع.
- ينظر المواطنون فى جميع أنحاء العالم بشكل متزايد إلى حكوماتهم على أنها تهديد لخصوصيتهم عبر الإنترنت، فى حقيقة الأمر يعتقد عدد متزايد من الناس أن التهديد للخصوصية يأتى من الحكومات المحلية (66%) –أى الأغلبية فى كل المواقع التى خضعت للدراسة- أكثر من الحكومات الأجنبية (61%).
- بينما أكد 73% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يرغبون فى تخزين بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية على الإنترنت داخل بلدهم، فإن الأغلبية فى كل من هونج كونج (62%) وإندونيسيا (58%) ومصر (58%) والهند (57%) والمكسيك (51%) قالوا إنهم يرغبون فى حفظ معلوماتهم خارج البلاد. على النقيض من ذلك فإن 23% فقط من أمريكا الشمالية، و35% من الأوروبيين و32% من مجموعة الثمانية يتشاركون هذا الشعور.
- أقل من نصف السكان العالميين يعبرون عن درجة ما من الثقة فى أن الخوارزميات التى يستخدمونها غير متحيزة فى أى سياق. كانت أعلى معدلات الثقة فى الخوارزميات المستخدمة فى أنظمة التعرف على الوجه (47%) ومحركات البحث (46%)، بينما كانت الأدنى فى الخوارزميات المستخدمة فى مزودات الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعى (32%). وكانت الأسباب الأكثر شيوعا لا نعدام الثقة فى انحياز الخوارزميات هى الافتقار إلى الشفافية والإدراك أنها موجهة منذ مرحلة التصميم، بالإضافة إلى غياب العنصر البشرى فى مرحلة التأثير. وعلى النقيض من ذلك اعتبر البعض أن عدم وجود عواطف إنسانية لدى الخوارزميات يمنحها المزيد من الموضوعية.
- قال 86% من المشاركين فى الاستطلاع إنهم تلقوا أخبارا مزيفة مرة واحدة على الأقل، بينما قالت نسبة 44% أنهم تلقوها فى مرات مختلفة. أما نسبة 14% فقط فقد أكدت أنها لم تنخدع أبدا بالأخبار الزائفة.
- جاءت الإشارة إلى فيس بوك فى المركز الأول كأكثر المصادر شيوعا للأخبار المزيفة، حيث قال 77% من مستخدمى المنصة أنهم شاهدوا أخبارا مزيفة هناك، يليها 62% من مستخدمى تويتر، ونسبة 74% من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى عموما. وقال 10% من مستخدمى تويتر أنهم أغلقوا حسابهم على المنصة خلال العام الماضى كنتيجة مباشرة للأخبار المزيفة، بينما أبلغ 9% من مستخدمى فيس بوك عن فعل الشىء نفسه.
- أشار ثلث المشاركين فى الاستطلاع (35%) إلى الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأكثر مسؤولية عن التأثير التخريبى للأخبار المزيفة فى بلدهم، وهذه النتيجة يأتى بعدها بمسافة كبيرة روسيا (12%) ثم الصين (9%). واللافت للنظر أن غالبية مستخدمى الإنترنت فى كندا (59%) وتركيا (59%) والولايات المتحدة نفسها (57%) كانوا يلقون مسؤولية تأثير الأخبار الزائفة على الولايات المتحدة، بينما أشار البريطانيون (40%) وبولندا (35%) إلى روسيا، فى حين كان المستخدمون فى هونج كونج (39%) واليابان (38%) والهند (29%) يلقون باللوم على الصين.
- غالبية مستخدمى الإنترنت فى جميع أنحاء العالم تدعم الجهود التى تبذلها الحكومات وشركات الإنترنت لمكافحة الأخبار المزيفة، من منصات التواصل الاجتماعى بحذف المنشورات الخاطئة ومقاطع الفيديو المزيفة (85%)، إلى الاعتماد على الطرق الآلية لإزالة المحتوى الزائف (79%) والرقابة الحكومية على المحتوى عبر الإنترنت (61%).
- يعترف واحد من بين كل عشرة أشخاص بالدخول إلى شبكة الإنترنت المظلمة، مع أعلى نسب فى الهند (26%) وروسيا (22%) والبرازيل (21%)، ويعتقد ثلثا المواطنين فى العالم (66%) إنه يجب إغلاق شبكة الويب المظلمة، ومع ذلك فإن هذه النسبة انخفضت من 71% فى عام عام 2016.
وتعليقا على هذه النتائج يقول فين أوسلر هامبسون الأستاذ فى جامعة كارتون إن استطلاع هذا العام لا يوضح فقط هشاشة أوضاع الإنترنت فقط، ولكنه أيضا يؤكد على انزعاج مستخدمى الإنترنت المتزايد من وسائل التواصل الاجتماعى والقوة التى تمارسها هذه الشركات على حياتهم اليومية.
تم إجراء الاستطلاع فى الفترة من 21 ديسمبر 2018 وحتى 10 يناير 2019، وشارك فيه أكثر من 25 ألف مستخدم للإنترنت من كل من: استراليا، البرازيل، كندا، الصين، مصر، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا العظمى، هونج كونج، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، كينيا، المكسيك، نيجيريا، باكستان، بولندا، روسيا، جنوب إفريقيا، كوريا الجنوبية، السويد، تونس، تركيا، والولايات المتحدة.
للحصول على نسخة كاملة من التقرير، يمكن زيارة الموقع: www.cigionline.org/internet-survey-2019