السيناريو الطبيعي أن يكون لدي كل مؤسسة إعلامية خطة توظيف واضحة مع نهاية كل عام؛لكن كيف يتم اختيار الكفاءات الصالحة ؟ هذا ما سوف نجاوب عليه في السطور التالية.
يطلب من المديرين وضع قائمة بالوظائف المطلوبة، وأسباب الاحتياج لها، والوصف الوظيفي لكل منصب، ومتوسط الراتب، ومعايير تقيمها” KPIs”، والعائد المتوقع مقارنة بالراتب والتكاليف الأخرى، الخ.
تتسلم إدارة الموارد البشرية HR هذه القائمة بمواصفاتها، ويتم مراجعتها ومناقشتها وتطويرها وفقا لما وضعه كل مدير، وتبدأ بعدها في الاشراف على دعوة المرشحين للمقابلات، سواء من خلال اعلان أو بترشيح من الإدارة العليا.
تبدأ المقابلات ويشارك فيها الإدارة العليا، والإدارة المباشرة لهذا المنصب، وممثل عن HR المعنى أكثر بالتقييمات الشخصية، ولضمان أن يتم اختيار أفضل العناصر وفقا للوصف الوظيفي الموضوع مسبقًا، بغض النظر عن مصدر الترشيحات.
وهذه قائمة بأسئلة بسيطة تساعد أي مدير قناة موقع صحيفة في بناء خطة توظيف محترفة.
من يفعل ماذا داخل مؤسستك؟
الخطوة الأولى في خطة التوظيف هو فهم أين أنت؛ فقبل أن تتمكن من وضع خطة توظيف، عليك أن تعرف أين تقف المؤسسة من ناحية الموارد البشرية التي لديها.
من يفعل ماذا؟ وما النتائج التي تحققت؟ ما المهام التي يجري إنجازها وعلى يد من؟ وهل يتولى تلك المهام الأشخاص المناسبين؟ وتأكد من وضع خريطة هيكلية لكامل
المؤسسة (إن كانت صغيرة)، أو لفريق القسم بالكامل (إن كانت مؤسسة كبيرة).
يجب على الخريطة أن تغطي كل الموظفين. هذه هي الطريقة الوحيدة لتعرف إن كان كل شخص يتم استخدامه بصورة صحيحة أم لا؛ فإذا لم يكن لديك طريقة سريعة ودقيقة لتتابع وتقيم بها أداء كل فرد في منظومة العمل، فاعلم أنك تسير في الاتجاه الخطأ.
ما هي أهداف عملك؟
الأن أنت تعرف أين تقف بالتحديد، وأين تريد أن تصل ومتى؟ ربما يكون لديك بالفعل بعض أهداف العمل المحددة، ولكن إن لم تكن تلك هي الحالة، فاستخدام قاعدة SMART (محدد، قابل للقياس، قابل للتحقيق، ذو صلة، محدد بإطار زمني).
وأحرص على أن تكون أهداف عملك مكتوبة؛ وقد تكون مركزة على الإعلانات، أو زيادة الجمهور، أو زيادة فاعليته والثقة معه، أو ربما تأسيس قسم أو موقع فرعي أو برنامج جديد، الخ.
وهنا يجب أن تسأل نفسك إن كان الموظفون الحاليون قادرون على تحقيق هذه الرؤية، يجب أن تكون صادقا لأقصي حد، من يمكن أن يفيد ومن يحتاج تدريب وتأهيل للتطوير، ومن سيكون خارج حسابات هذه الأهداف، ومن تحتاج لكي يدعم عناصر الفريق لتحقيق الأهداف الجديدة.
كم من الأشخاص تحتاج؟
مع وضعك لأهداف واضحة محددة قابلة للقياس، ضع تصورًا لفريق يتوافق مع تلك الرؤية ويمكن أن يساعدك في الوصول إليها. وأعرف ما الهدف من تواجد كل شخص، وما الذي يفعلونه بشكل يومي حاليًا، وما الذي يتوقع أن يفعلوه وفقا للخطة الجديدة، وما إذا كانوا يحتاجون تدريب معين، ولأي مدة، وبأي تكلفة، وهل هذا ممكن؟!
لا تخف من التفاصيل، فعلى سبيل المثال عليك أن تعرف أن كان كل مراسل أو
صحفي يجب أن يعمل على عدد معين من القصص شهريًا ليناسب متوسط ساعات البث، وما نوعية تلك القصص، وكيف يمكن أن نقيم الأداء، هل بساعات العمل، أم بالكم، أم بما تثيره من تفاعل أو مشاهدات، أو عائدات.
وعليك أن تعرف ما إذا كنت ستحتاج الي معدات جديدة، أو عناصر بشرية إضافية، مثل: محرر مراجع اضافي، أو محرر فيديو جديد، فأحيانا إضافة عناصر بشرية يعنى بالضرورة إضافة عناصر أخرى مساعدة من خارج أو داخل الفريق لإدارة منظومة العمل الجديدة.
عليك أن تفكر في كل ذلك، لأن هذا يضمن خطة توظيف جيدة، وتقدير جيد للميزانية والاحتياجات المطلوبة، لكيلا تظهر كأنك غير محترف!
من المهم أن تحصل في النهاية على قائمة بوظائف محددة واحتياجات واضحة، وفقا لأهدافك، ثم يكون التقييم دقيقًا، ويوضح ما إذا كانت الأهداف تستحق، فلربما تلغى الفكرة من الأساس، أو تقوم بتغيرها قبل أن تجلب موظفين لست فعلا بحاجة لهم.
ما نوعية الأشخاص الذين تحتاجهم؟
هناك عوامل متفاوتة لتقييم الأدوار الوظيفية التي قمت بتحديدها، وأي الوظائف تحتاجها بدوام كامل، وأيها بدوام جزئي، وأيها بنظام التعاقد الحر من الخارج.
تكوين فريق بدوام كامل يجلب معه نفقات أخرى، مثل مساحات مكتبية وحوافز ومزايا وتأمينات.
بينما العمل بدوام جزئي يجلب معه مسؤول إضافي لتنظيم الورديات وجداول العمل، وكذلك المتعاقدين ربما ليس لديهم الحافز لكي يبدعوا ويقدموا أفضل ما لديهم؛ وربما يكونوا هم الخيار الأمثل لو كان الأمر لا يتعلق بصلب العمل، فمثلا موظفي الأمن وعمال البوفية، قد يكون الاستعانة بمكتب متخصص هو الأفضل، وهكذا.
فكر جيدا، لأن كل هذه الخيارات جيدة في حالات بعينها، وقد تكون سيئة في حالات أخرى، أنت فقط الذي يجب عليه أن يقرر وفقا للأهداف.
مناخ العمل الذي تسعى إليه؟
التوازن الثقافي وبيئة العمل المحفزة هو شيء هام عليك وضعه في الاعتبار، خاصة عندما نتحدث عن العمل الإعلامي الذي يعتمد على المنتج البشري بصورة أساسية، فنحن لا نصنع أجهزة ولا علب صلصة، نحن نقدم خدمة المحتوى.
فمؤسسة إعلامية خالية من التنوع والتجانس والشغف والحماس، يصعب أن تخرج محتوى يجذب الناس والمعلنين.
إذا كانت هذه أول مرة تصمم فيها خطة توظيف، فيجب أن تعرف أن تكامل العناصر لا يعنى أن تأتي بكل الأشخاص المتشابهين، ولا المخالفين بالطبع، ولا كل الذين عملت معهم في السابق، ولا كل الذين لم تعمل معهم يوما.
بيئة العمل الصحية في الاعلام يجب أن تضع مصلحة العمل/العاملين على حد سواء وعلى نفس الدرجة من الأهمية، لأن في الواقع كلاهما وجهين لعملة واحدة، المناخ السليم فيه تنوع، فيه الموظف النشيط والمبدع وأيضا النظامي والنمطي، فيه المحافظ والمتحرر، فيه السيدات والرجال، فيه الكبار والصغار، فيه من ينظر للعائد أولًا، ومن ينظر للقيمة أولًا، من ينظر للأرقام الشهرية، ومن يفكر في عشر سنوات قادمة.
ما مدى سرعة احتياجك للتوظيف؟
هناك طرق عددية للتوظيف، بعضها أسرع من غيرها، لذا فكر في مدى حاجتك لتوظيف مَن ومتى ذلك؟ وينبغي أن تحدد خطتك للتوظيف من تحتاجه بشكل عاجل، ومن تحتاجه خلال شهر أو خلال ثلاثة أشهر.
وأحيانا يجب أن تبقى الباب مفتوحًا لوظائف بعينها، مثل محرر نابغة، أو مراسل نشط، أو مدير انتاج منضبط.
إن كانت السرعة ليست أمرًا ملحـًا، فيمكنك وضع إعلانات على مواقع التوظيف العامة، ولكن تلك الطريقة تجلب الكثير من الأشخاص من ذوي المهارات المنخفضة، والذين يكلفون وقتا طويلاً للفرز؛ وقد يكون هذا الحل الأفضل للوظائف التي تطلب فيها عددا كبيرا.
إن كانت السرعة أمر حيويًا أو يكون مطلوب شخص واحدا لمنصب متخصص، فربما
تكون الشركات المتخصصة، أو ترشيحات الزملاء والمديرين هي المناسبة، فليس من الحكمة أن تضيع وقت الإدارة العليا في مقابلات طائلة، بينما كان يمكن نوفر هذا الوقت القيم، ونأتي بقائمة مختصرة من شركة متخصصة، وفقا للشروط التي وضعت مسبقا، فهذا يوفر وقت وأيضا مال.
البدء بإنشاء خطتك للتوظيف
الخطوات السابقة تمكنكم من فهم مَن يفعل ماذا، ومن تحديد أهداف عملك والتفكير في احتياجاتك المستقبلية، وتحديد نوعية الوظائف التي ستحتاجها ونوعية الأشخاص الذين سيشغلونها، وأي نظام عمل هو الملائم، وأي طريقة توظيف هل الأنسب.
بعدها تبدأ عملية التوظيف، وهي من الناحية التنظيمية مسؤولية إدارة الموارد البشرية، وفي أغلب الأحوال ستكون الأمور أيسر بعد أن وضعت إطار محترف متكامل.
إعداد: خالد البرماوي